بين الاستقالة والتعديل، الشارع الوطني واكراهات العمل السياسي / ‏أحمد حبيب صو ‏

ثلاثاء, 04/12/2022 - 00:22

الصدق في الطرح وابراز الامور كما هي، سمة طبعت انطباع الشعب عن رئيس الجمهورية، الذي يرى فيه، انه بجد يريد الاحسن للبلد ولكن بدون رجالات المرحلة! فقد تجدد هذا الاحساس من خلال جميع الخطابات الصادقة من وادان الي مدريد مرورا بقصر المؤتمرات المرابطون وخطابه لرجال الاعمال وهذه المصداقية يجب على الحكومة تجسيدها في ارض الواقع والقدرة علي تحمل النقد.
ويجب الاشارة هنا اننا لا نقوِّم، بالقدر من محاولة التحدث عن النجاعة في اختيار رجالات المرحلة الدولية والاقتصادية والاجتماعية، فهناك بالطبع اكراهات محلية وخارجية وبنسب متفاوتة.
اعادة الثقة في الوزير الاول، يفهم منه، علي انه ترجيح من رئيس الجمهورية لمنهج التنظيم للسيطرة علي مجلس الوزراء واحترام تبعية الوزراء وعدم اخضاعهم لشبح الخوف من اقتراف الاخطاء او محاولة اخفائها ، لانه فقط من يعمل يمكنه ان يرتكب اخطاء ومن دون ذلك فلن يضطر لارتكابها؛ فالوزير السيء هو المتردد والمكبل بالخوف من الوقوع في الخطأ.
لننطلق من ان هناك صعوبات جمة ،امام الرئيس والوزير الأول ومدير الديوان في إختيار الطاقم الحكومي وخاصة الوزراء وخاصة اذا اخذنا بإعتبارات اللائقية بتحمل برنامج الرئيس او عدم اتفاقهم ضمنيا مع رؤية رئيس الجمهورية وتبصيره للامور وذلك من خلال رؤية الوزراء المحيطين به ،فلو اعتبرناهم من الاكفاء والمخلصين يتأكد للشعب حكمة رئيسه لانه استطاع عند اختيار الوزراء تمييز هذه الكفاءات والاحتفاظ بها واما ان يكونو من النقيض فستترسخ للشعب فكرة سيئة بسبب اختياراته .
للاسف لايدرك الشارع الوطني للاكراهات والرهانات السياسية من جميع النواحي ولكن يجب التنبيه في ان الوزير لايجب عليه ان يفكر في نفسه وللولاءات الضيقة بالقدر ما يكون وطنيا ويعطي ولاءً لبلده ولقيادته وان لايكون صاحب توجيهات تحسب عليه وتضعه في فئة ضد فئة .
ومع ذاك لن تستطيع أي حكومة مهما كانت أو أية إرادة سياسية لرئيس الجمهورية أو اجتماعية ، النظر لهموم المواطن وحاجته للدولة الحارسة والمتدخلة ، ان ترقي بوطننا وأبناءه مالم نستعد لذلك، لان ‏كل بناء أو إصلاح أو تغيير لا يقوم على إصلاح الأنفس وإيقاظ الضمائر وتربية الأخلاق؛ أشبه ببناء على كثبان من الرمال، {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ ما بأنفسهم}.
انقسم الشارع الوطني بين المؤيد والناقد بين المصلحاتية والتنظيم القبلي والجهوي والتلوين السياسي وعليه كان علينا أن نسأل أنفسنا بدون خجل هل كل من مارس السياسة يعتبر وطنياً ومؤهلاً لتولي منصب لصيق به؟ وهل بِتنا نعيش في زمن تنحدر فيه كل الثوابت الوطنية؟ فهل انتهت مرحلة تحويل الاستراتجيات الوطنية الى واقع ملموس ؟ وكيف تحول العمل السياسي القائم على التنظيم والوعي والإدراك والبصيرة الى حماسة وطياشة وانفعال وجباية ؟ هل بِتنا حقاً في ازمة سياسية! أو انعدام السياسة ؟ كل ذلك يبقى تحت عدسة تقييم المواطن في المستقبل القريب هل نحن أمام حكومة خدمة المواطن أو الي استقراره أو الي الهدوء السياسي مع الآداء المقنع والمنتج؟
ولهذا يتحتم علي أن اقف مجددا في التساؤل: لماذا تعثرت وفشلت العديد من المشاريع الكبرى والصغرى دون ان تنفذ على ارض الواقع؟ ولماذا تعثرت العديد من المشاريع التنموية والاستثمارية ولم تثبت قوانين الاستثمار لمدة كافية لتشجيع المستثمر على الاستثمار بل هي في تغير مستمر .
كثيرة هي الاسباب ومداخلاتها !هل هناك مصلحة تغلب على المصلحة الوطنية وخاصة ان الشعب يرى الفاسدين امامهم يترنحون ؟ فهل هناك من جهات رقابية حيادية تقيم اداء هذه الحكومات بكل شفافية وتقيم ما حققته من انجازات ونجاحات او فشل ملموس انعكس سلباً على الوطن .
كلنا يعرف ان هناك الكثير من الرجالات السياسية وعلى مدار سنوات طويلة تعاقبوا على العديد من المواقع الرسمية في العديد من الحكومات المتعاقبة دون ان يحققوا اي شيء ملموس بل أثروا سلباً على اداء الحكومة حتى اصبحوا يعيقون الانجاز ومازالوا بالاضافة لمهارتهم بالتنظير الاعلامي عبر الوسائل المختلفة وليس تواجدهم بمناصبهم سوى ارضاءات ومحسوبيات ومصالح مشتركة أثرت علي برنامج الرئيس ولسان حالهم يقول لا وجود لموجود سوانا.
يجب أن تكون هناك معايير تقييم ومواصفات خاصة لتقيم الاداء الحكومي واداء ذلك السياسي في موقعه لكي يقيم انجازه وعطاءه وانتاجه وفكره بين النجاح والفشل ، حتى نستطيع ان نحكم عليه ونقول انه يستحق الاستمرار بمنصبه او من الافضل ان يتم اعفاءه حتى لا يزداد الوضع اكثر سوءاً؛ وهل من معايير تصنفه بقائمة الوطنيين المشهود لهم بنزاهتهم وشفافيتهم وعطاءهم وهل لا يزال الوطن وهل لا يزال الشعب في ظل هذه الظروف الصعبة التي تحتاج لسياسي يفرض على الحكومات ولا تتعدى وطنيته مسافة ما بين فمه وارنبة انفه سوى انه يحقق مصالح الاخرين .
الشعب الموريتاني والشباب الذي يعاني - و صرخات مواقع التواصل الاجتماعي- اصبح قادراً على التمييز بين السياسي الصادق المخلص المنتمي المنتج في عطائه وادائه وبين من يدعي الوطنية والممثل والذي لديه القدرة على التنظير السياسي والاعلامي والذي يحمل اكثر من قناع يتناسب مع الموقف الذي يريد تمثيله .
هل يتفق هؤلاء مع الرجال السياسيين الوطنيين على الثوابت الوطنية لمختلف انواع السياسات لمواجهة الازمات ودفع مسيرة الاصلاحات وهل سيكون من ضمن مسيرة الاصلاح قرارات جريئة للاستغناء عن كل سياسي غير منتج ومن تكلس في منصبه حيث اصبح هذا القرار من الضروريات الوطنية التي يتطلع اليها الجميع من ابناء هذا الشعب لازاحة هؤلاء الاشخاص من امام مسيرة الاصلاح والبناء والتقدم والتغير .
خاصة واننا اصبحنا نلمس ان هناك شراكات سياسية بين الاقوياء اصبحت تعمل لتحقيق المكتسبات الشخصية الخاصة بها بدلاً من تحقيق المصلحة العليا للوطن .
واصبحنا نجد ونلمس ان هناك شراكات سياسية خارج الحلقة السياسية التنفيذية اصبحت تأخذ شكلاً من اشكال المعارضة لتحقيق مصالحهم لا مصلحة الوطن والمواطن، اخذوا من الاعلام بانواعه واشكاله عنواناً لتصريحاتهم وتنظيرهم بالتحليل والتعرية ، بدلاً من ان يكونوا الناصحين والموجهين بحكم خبراتهم السياسية .
فطالما طالب الشباب الموريتاني والشارع الوطني بتجديد الطبقة السياسية ولكن ذلك لايكون إلا من خلال منظور عقلاني وموضوعي بعيدا عن كل المناهج التي اجمعنا علي أنها سيئة وهي سبب مشاكلنا ونجد أن الخطوات الأخيرة في الطريق السليم وذلك بتحديد الأهداف في العلن كلوحة قيادة العمل والآداء الحكومي فهل يكفي التجديد وإدخال روح جديدة للعمل الحكومي؟ .
‏لن نختلف ابدا في اعتبار التجديد حاجة ملحة لهذا الشعب لاستيعاب مستجدات العصر في مختلف المجالات والميادين الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعولمة والاعلام وفي هذه الفترة بالتحديد والظروف الاقتصادية والدولية المحيطة بنا ،خصوصاً ان هذه التحديات بدأت تستهدف العمق الحضاري وأمال شعبنا الحبيب في الوقت الذي بدأت تتسرب في مجتمعنا وخاصة الشباب عوامل الضعف والوهن وحتي الاحباط إلا أن هناك من عشقوا وأد احلام الشباب ولا يجب تركهم يجهزون عليه.
نعم للتجديد ولكن يجب التمسك بالخبرة فالتجديد ، لا يعني إزالة واستحداث شيء آخر مكانه؛ بل التجديد يعني إعادة الأمور أقرب ما تكون إلى صورتها الأولى يوم ظهر لأول مرة ميلاد الديمقراطية وبناء الدولة علي أسس الشرف والإخاء والعدل ، والمحافظة كل المحافظة على جوهر تلك الرؤية وخصائصها ومعالمها، وعدم المساس بها. وهذا ينطبق على الماديات والمعنويات.